تقرير حول إثارة الدافعية لدى المتعلمين



إعداد الأستاذ: محمد سعد عيسوس
مقدمة التقرير:
تكتسي العملية التربوية الأهمية القصوى في المجتمع البشري ذلك أنها الركيزة الأساس للمخرجات الحياتية والكفاءات الاجتماعية فيه، فهي الخلية الأولى للمجتمع في جوانبه المعرفية والسلوكية، ولما كانت كذلك كان لزاما على أفراد المجتمع السهر على جعلها عملية ناجحة، لتكون أساسا قويا ترتكز عليه وكلما كانت أقوى كانت مخرجاتها أفيد للمجتمع في حدود الأهداف المسطرة من قبل القائمين على العملية التربوية الناجحة.
ولطالما شغلت العملية التعليمية وإنجاحها أذهان الباحثين والمهتمين انطلاقا من أهميتها، فأحيطت بكثير اهتمام من قبلهم باحثين عن كل الطرف الممكنة لضمان نجاحها، فتعددت الطرق والوسائل التي يراها الباحثون في المجال التربوي كفيلة بضمان هذا النجاح، بل توصلوا حتى إلى تقعيد الوضعيات والشروط والعناصر التي يجب توفرها في هذه الطرق حتى تكون طرقا بيداغوجية مناسبة في العملية التربوية لكل أركانها.
ويعتبر موضوع الدافعية من المواضيع المهمة والحيوية في علم النفس بشكل عام، بسبب ارتباطها بالعديد من مجالات الحياة والمختلفة، مما جعل العديد من النظريات أن يتناولوا مفاهيم الدافعية وبناءها وسبل توظيفها في مجالات النمو والتعلم والصحة النفسية،
ومن هذا المنطلق خصصنا هذا البحث لدراسة طريقة من هذه الطرق ألا وهي الدافعية للتعلم، وقبل الخوض في أجزائها ومضامينا لنعرض قبلا أهم الاشكالات المثارة والتي نجيب عنها خلال سيرنا في هذا البحث، ومنها: ما هي أنجع الطرق في إثارة الدافعية للتعلم؟ ويتفرع من هذه الإشكالية الأساسية إشكالات فرعية تتمحور أساسا حول اهم الطرق المعتمدة في إثارة الدافعية عد المتعلم، هل يمكن تطبيقها في الواقع المدرسي؟ وماهي الصعوبات التي يمكن أن يواجهها المعلم عند سعيه لإثارة الدافعية لدى متعلميه؟
ولعلنا نفترض مسبقا أن أنجع الطرق تكون بإنشاء طريقة من خلال دمج النظريات وما تقرره كلها وذلك لتغطية أكبر جزء ممكن .
ولا يخفى على أحد أهمية هذا الموضوع ذلك أن له ارتباطا وثيقا بالمجال التربوي التعليمي الذي يمثل جانبا مهما في الحياة البشرية، فمن هذا المنطلق يمكن حصر أهمية الموضوع في النقاط التالية:
1- تعتبر الدافعية للتعلم جزءا مهما في العملية التربوية.
2- تعدّ طريقا سريعا وقويا للتعلم، خاصة إذا تمت إثارتها بالشكل المناسب.
3- لا تقل الدافعية أهمية عن العملية التعليمية في حدّ ذاتها بسبب العلاقة الوثيقة بينهما.
4- تعدّ كذلك سلاحا فعالا أمام المشاكل التي يعاني منها الوسط المدرسي كالعنف والتسرب.
وجاء في مقال نشر في مجلة ميادين للكاتب معتبر قاسم تحت عنوان مردود كبير بأقل جهد- الدافعية والتعلم، أن حصول عملية التعلم بشكلها المرغوب فيه لا تتم من دون حصول النضج لدى المتعلم
ولا يمكن أن تتم إلا إذا كان لدى المتعلم دوافع قوية لذلك. فعملية التعلم طويلة وشاقة
وتستوجب تحفيزًا مناسبًا متواصلًا يؤدي إلى استنهاض همة التلميذ، وتشديد عزائمه، فينكب على التحصيل برغبة واجتهاد. لذلك ينبغي علينا، كأهالي ومعلمين، أن نسعى بكل ما نستطيع إلى تنمية هذه الدافعية وتعزيزها حتى نسرع عملية التعلم ونجعل مردودها كبيرًا وبأقل جهد ممكن.
وبناء على أهميتها القصوى فقد كانت سببا رئيسا في اختيارنا لها كموضوع للبحث، إضافة لرغبتنا في كشف الغموض حولها لدى الأساتذة فيكون جليا أمامهم ليعتمدوها في عملياتهم التعليمية، بما يكفل نجاحها ومنه نجاح رسالتهم السامية.


المبحث الأول: مفاهيم عامة مرتبة بالموضوع
المطلب الأول:  مفهوم الدافع
في اللغة، جاء في لسان العرب أن  معنى "الدفع : الإزالة بقوة . دفعه يدفعه دفعا ودفاعا"، وأصل والدفاع : كثرة الماء وشدته، ويقال : دافع الرجل أمر كذا إذا أولع به وانهمك فيه . والمحصلة أن لفظة "الدفع" في اللغة لا تخرج عن معنى التحرك بقوة.
أما في الاصطلاح فالدافع حالة أو قوة داخلية، جسمية أو نفسية، تثير السلوك في ظروف معينة، وتواصله حتى ينتهي إلى غاية معينة وهو قوة باطنية لا نلاحظها مباشرة بل نستنتجها من الاتجاه العام للسلوك الصادر عنها، فإن كان السلوك متجها نحو الطعام استنتجنا دافع الجوع وإن كان متجها نحو الشرب استنتجنا دافع العطش، أما إذا كان متجها نجو الاجتماع بالناس استنتجنا الدافع الاجتماعي.
والدافع إلى ذلك هو اصطلاح عام شامل لذا نجد كلمات وألفاظ كثيرة تحمل معنى الدافع ومنها: الحافز، الباعث، الرغبة، الميل، الحاجة، النزعة، الغرض، القصد، النية، الغاية... بيد أن هذه الكلمات في حد ذاتها تتميز عن بعضها البعض فالباعث مثلا موقف خارجي مادي أو اجتماعي يستجيب له الدافع، والطعام باعث يستجيب له دافع الجوع فالدافع قوة داخل الفرد والباعث قوة خارجية.
المطلب الثاني: مفهوم الحافز
في اللغة حيث جاء معجم الرائد : حافز : دافع يحث المرء ويحضه على فعل الشيء ، جمع : حوافز .
ولقد تناول العديد من الباحثين موضوع الحوافز وقدموا عدة تعاريف لها، نتطرق إلى أهمّها:
تعريف أول: يمكن تعريفها على أنها:" مجموعة المؤثرات التي تستخدم في إثارة دوافع الفرد، وبالتالي في تحديد مستوى وشكل سلوكه وذلك بإتاحة الفرصة أمامه لإشباع الحاجات التي تحرّك دوافعه".
تعريف ثاني: كما عرّفها "محمد علي السلمي" على أنها:" العوامل التي تعمل على إثارة القوى الحركية في الإنسان وتؤثر على سلوكه ".
تعريف ثالث: عرّف "عمر وصفي عقلي" الحوافز بأنها:" فرص وسائل (مكافأة، علاوة...الخ)، توفّرها إدارة المنظمة أمام الأفراد العاملين لتثير بها رغباتهم وتخلق لديهم الدافع من أجل السعي للحصول عليها عن طريق الجهد والعمل المنتج والسلوك السليم، وذلك لإشباع حاجاتهم التي يحسون ويشعرون بها والتي تحتاج إلى إشباع".
تعريف رابع: عرفها مصطفى نجيب شاويش الحوافز هي:" المؤشرات الخارجية التي تشجع الإنسان أو تحفزه لأداء أفضل ".
يمكن القول أن الحوافز هي شيء خارجي وهي تلك الأساليب والعوامل التي تستخدم للتأثير في سلوك الأفراد العاملين لكي تجعلهم ينهضون بعملهم على نحو أفضل، وتحثهم على بذل جهد أكبر وزيادة الأداء نوعا وكما بهدف تحقيق أهداف المنظمة، وإشباع حاجات الأفراد ذاتهم.

المطلب الثالث: مفهوم الدافعية
تناول العديد من علماء النفس والمربين مفهوم الدافعية. واصطلح على أن الدافعية ترجمة لمصطلح «Motivation» وتعني دافعية، ودفع، ودافع، فهناك
اختلاط كبير في استعمال كلمة الدافعية مع بعض المصطلحات*، مثل: باعث Incentive، وحافز  Drive، وحاجة Need  وهدف Goal، وميل Tendency.
عمومًا هناك اتفاق عام بين النظريات المختلفة على أن الدافع عبارة عن عامل داخلي يستثير سلوك الإنسان ويوجهه ويحقق فيه التكامل، فالدافع يتأثر بالحالة الداخلية والبيئة الخارجية.
و فيما يلي بعض من تعاريف الدافعية:
-(حالة داخلية للفرد جسمية أو نفسية تثير السلوك في ظروف معينة وتعمل على استمراره حتى ينتهي إلى غاية معينة).
وكذلك يمكن تعريفها بأنها:
(أي عامل داخلي في الفرد يدفعه إلى عمل معين وإلى الاستمرار في هذا العمل مدة معينة من الزمن حتى يشبع هذا الدافع).
وبوجه عام يكمن تعريف الدوافع بأنها: مجموعة القوى التي تحرك السلوك وتوجهه وتعضده نحو هدف من الأهداف.
ويقرر "هوكس" أن الدافعية هي: القوة التي تحرك وتثير الفرد من أجل إنجاز المهمات الموكلة إليه على الوجه الأفضـل عن طريق تلبية حاجاته الماديـة والمعنويـة .
أما  الدكتورة "راوية حسن " فالدافعية حسبها هي مجوعـة من القوى الكامنة داخل الفرد والتي توجه وتدفع الفرد للتصرّف بطريقـة معينـة.
كما يمكن تعريفها بأنها:" عبارة عن الرغبات والحاجات وأي قوى متشابهة تسيّر وتوجّه السلوك الإنساني نحو أهداف معينة" .
ويعرّف "عمر وصفي عقلي" بأنّ " الدافعية ما هي في الحقيقة إلاّ عبارة عن محركات داخلية أو قوي كامنة داخلية غير مرئية يحسّ بها الإنسان وتدفعه لأن يتصرف أو يعمل من أجل إشباع حاجة معينة يحس ويشعر بها ".
    مما سبق نستنتج أن الدافعية مصطلح عام لا يشير إلى حالة خاصة محددة أو شيء يمكن ملاحظته على نحو مباشر أو الوقوف عليه بشكل ملموس، إنما هي تكوين فرضي يمكن الاستدلال عليه من خلال نتائجه، أي من خلال ما يصدر عن الفرد من سلوك في المواقف التي تمر به يوميًا، ولذلك فإن تأثير الدافعية لا يقتصر على مجال معين من مجالات الحياة، فهي ترمز إلى العلاقة الديناميكية المستمرة بين الفرد وبيئته باختلاف مثيراتها. فالأفراد لا يستجيبون للمواقف المتشابهة بطريقة واحدة، ولكنهم يستجيبون استجابات متباينة حسب حالة الفرد نفسه.                          

مفهوم الدافعية للتعلم
في ضوء المفهوم السابق للدافعية يتبين لنا أن الدافعية للتعلم تشير إلى حالة داخلية في المتعلم تدفعه إلى الانتباه إلى الموقف التعلمي، والقيام بنشاط موجه والاستمرار في هذا النشاط حتى يتحقق التعلم كهدف للمتعلم.
وكثيرًا ما يتردد على الألسن مصطلحي:
(1) دافعية الإنجاز: وتشير إلى رغبة الفرد و ميله لإنجاز ما يعهد إليه من أعمال وواجبات بأحسن مستوى حتى يحوز رضاء رؤسائه ليسهل زيادة الدخل والترقي والتقدم.
وقد ورد في موسوعة علم النفس والتحليل النفسي تعريف لدافع الإنجاز نصه: (هو الحافز للسعي إلى النجاح أو تحقيق نهاية مرغوبة، أو الدافع للتغلب على العوائق أو للانتهاء بسرعة من أداء الأعمال على خير وجه).
(2) مصطلح دافعية الإنجاز الدراسي: تعتبر شكلًا من أشكال دافعية الإنجاز، يكون التركيز فيها على الدافعية المرتبطة بالنشاط المدرسي، وتشير إلى الدافع النفسي المتمثل في رغبة التلميذ وميله إلى رفع مستوى تحصيله الدراسي، بحيث يؤدي هذا إلى بذل المزيد من الجهد وقضاء الكثير من الوقت المثمر في عملية التحصيل ليحصل بذلك على أعلى ما يستطيع من درجات  علمية وبتقديرات ونسب ممتازة.
وقد وردت لها عدة تعاريف منها:
أ - (مجموعة القوى التي تثير وتوجه السلوك نحو هدف دراسي).
ب - (هي الرغبة الملحة لأداء العمل المدرسي بصورة جيدة).
جـ - (هي النزوع لبذل الجهد من أجل تحقيق النجاح الدراسي).
د - ( الرغبة في الأداء الجيد، وتحقيق النجاح وهي هدف ذاتي ينشط ويوجه السلوك، وتعتبر من المكونات الهامة للنجاح المدرسي).
تحظى دافعية الإنجاز باهتمام بالغ من الباحثين في موضوع التحصيل الدراسي، لما لها من قدرة جيدة على تفسير كثير من المشكلات التربوية والتعليمية، فقد أجريت دراسات عديدة للتعرف على العوامل المفسرة لاختلاف الطلاب في التحصيل الدراسي، ووجد أن من أهمها مجموعة متغيرات ترتبط بالعوامل النفسية التي من أبرزها دافعية الإنجاز الدراسي، لذلك جاءت التوصيات لتؤكد على ضرورة بناء مقياس مقنن يقيس هذه الدافعية ويستخدم للتعرف على واقع ارتباطها بالمتغيرات التعليمية والاجتماعية والنفسية والثقافية المحيطة.

 المطلب الرابع: الفرق بين مصطلحات؛ الدافع والحافز والدافعية
وقبل الخوض في هذه الفروق أحببنا التعريج على بيان وظائف الدافعية استكمالا للفائدة وجمعا لكل جوانب الموضوع:
1 - تمد السلوك بالطاقة وتثير النشاط: الدوافع تحرر الطاقات الانفعالية الكامنة في الفرد التي تثير نشاطًا معينًا، وهذه الطاقات تعد الأسس الأولية لعملية اكتساب المعارف والمهارات والتعديل من أنماط السلوك الأولية لدى الفرد، باختصار: تكمن فيها أسس عملية التعلم.
2- أنها تساعد في تحديد أوجه النشاط المطلوبة لكي يتم التعلم: الدوافع تملي على الفرد أن يستجيب لبعض المواقف ويهمل بعضها الآخر، كما تملي عليه طريقة التصرف في موقف معين، فعندما يقوم الفرد بقراءة كتاب تحت تأثير دافع معين كمراجعة درس مثلًا أو تحضير موضوع لا ينتبه إلا إلى الأجزاء المتصلة بعمله و لا يدرك غيرها إلا إدراكًا سطحيًا، بخلاف ما إذا كان الدافع هو تعلم الكتاب كله، فلا بد من إدراك أهمية هذا المبدأ في ميادين التدريس والتربية والأمثلة على ذلك كثيرة، فالتلميذ الذي لا يساير بقية زملائه في حل التمرينات وأداء الواجبات لا يكفي أبدًا أن نلومه، أو نقول له أن فلانًا وفلانًا أحسن منه، فهذه أمور قد تثير فيه طاقات العمل... ولكنها لا تكفي بل قد تؤدي إلى نتيجة عكسية، وإنما لا بد من تحديد الكيفية التي تحقق له أن يبدأ مثل بقية التلاميذ في حل التمرينات و أداء الواجبات التي يرتبط بها بخاصة، أو بمعنى آخر لابد من توجيه سلوكه نحو الغرض الذي نسعى إليه. ومن هنا تأتي أهمية تحديد أوجه النشاط المطلوب من التلميذ أن يمارسها لكي يتحقق تعلمه ويتعدل سلوكه.
3 - أنها قد تجعل الفرد يوجه نشاطه وجهة معينة: حتى يشبع الحاجة الناشئة عنده، ويزيل التوتر الكامن لديه، أي حتى يصل إلى هدفه.
ومن المعلوم أن التعلم لا يكون مثمرًا إلا إذا كان هادفًا إلى بلوغ غرض معين، فكل دافع يرتبط بغرض معين يسعى لتحقيقه مما يؤكد على أهمية الدافعية في التعلم، وحسب حيوية الغرض و وضوحه وقربه أو بعده حسب ما يبذل الفرد من نشاط في سبيل تحقيقه وإشباعه.
ومن هنا نتبين أهمية ربط المواقف التعليمية بأغراض حيوية تمس الفرد، واهتمام المناهج و طرق التدريس الحديثة بالأغراض الأساسية عنده، وعند الجماعة التي يعيش بينها، فمحتويات المنهج يجب أن تتضمن بصفة أساسية موضوعات وأوجه نشاط تتصل بحياة التلميذ وواقعه وتمس مصالحه الحقيقية. وطريقة التدريس يجب أن تبنى على ربط واضح بين مادة الدرس وبين نواحٍ لها أهميتها وضروريتها عند التلميذ. وإلا أصبح من الصعب توجيهه نحو تعلمها أو إثارة اهتمامه لبذل الجهد في سبيل معرفتها و الإلمام بها.
لوضوح الهدف تأثيره أيضًا في دفع المتعلم نحو بلوغ هدفه. فالعمل من أجل هدف واضح يتجه نحوه المتعلم حتى يبلغه، يختلف عن العمل من أجل هدف غير واضح. ومهما كانت طبيعة الموقف التعليمي، فإنه في الأحوال التي لا يعرف التلميذ فيها الغرض الحقيقي لمادة تعلمه، فإنه سيتجه نحو أغراض أخرى يسعى لتحقيقها أغراض لا تتعلق بالمادة ذاتها لذلك فمن الأفضل أن يتبين التلميذ حقيقة الغرض مما يتعلمه، وأن يكون هذا الغرض واضحًا و محددًا.
تعني الدافعية القوة الداخلية التي تدفع الإنسان لأن يقوم بالتصرف والسلوك، وبالتالي فالدافعية هي عبارة عن محركات داخلية غير مرئية تدفع الإنسان لأن يتصرف ويعمل من أجل إشباع حاجات معينة يحسّ ويشعر بها. وتلعب الحوافز دورا في تشكيل الدافعية الإنسانية وإشباع حاجاتها، وهي عبارة عن فرص أو وسائل يمكن بواسطتها إثارة رغبات الفرد، وخلق الدافع لديه من أجل الحصول عليها وإشباعها من خلال سلوك مرغوب فيه. يتضح من معنى الحافز أنّه يختلف عن الدافع فالأول خارجي في حين أن الثاني نابع من داخل الفرد.
ويشير " كيث ديفيز " في هذا الخصوص إلى أنّ: " الدوافع ما هي إلا تعبير عن حاجات الفرد لذلك فهي شخصية و داخلية، في حين الحوافز من جانب أخر تكون خارجية عن الفرد ذاته. فهي تمثل عوامل مؤثرة خارجية موجودة في بيئة الفرد، فمثلا عندما تقوم الإدارة بمنح العاملين حوافز معينة فإنها تقوم بإثارة دوافعهم بطريقة إيجابية بهدف خلق الشعور لديهم بالتقدير والرضا والرغبة في أداء العمل".
وهناك علاقة وطيدة بين الحافز والدافع ، فإذا كان الحافز هو الموضوع الخارجي الذي يحفز الفرد للقيام بسلوك التخلص من حالة التوتر، فالدافع هو ما يوجه سلوك الفرد نحوه أو بعيداً عنه لإشباع حاجة أو تجنب أذى. أو هو – بعبارة أخرى- حافز داخلي.
ويمكن التمثيل على ذلك بما يلي:

الطعام حافز ـــ وهو موجود في البيئة الجوع دافع ـــ وهو مثير داخلي
=
الماء حافز ـــ وهو موجود في البيئة العطش دافع ـــ وهو مثير داخلي

المبحث الثاني: طرق إثارة الدافعية في الوسط المدرسي
تثير مسألة طبيعة الدافعية ونظرياتها جدلًا كبيرًا بين علماء النفس، ويواجهون في هذا الصدد ما يواجهونه من صعوبات في تحديد بعض المفاهيم السيكولوجية الأخرى كالذكاء أو الابتكار أو الشخصية...إلخ. وقد قدم بعض علماء النفس عددًا من النظريات لتفسير الدافعية تختلف باختلاف نظراتهم للإنسان وللسلوك الإنساني وباختلاف مبادئ المدارس السيكولوجية التي ينتمون إليها. غير أن أيًا من هذه النظريات، رغم ادعاء أصحابها، غير قادرة على إعطاء صورة كاملة لمفهوم الدافعية. إن حقيقة كهذه لا تعني بطبيعة الحال عدم جدوى أو فائدة نظريات الدافعية المتوافرة حاليًا وبخاصة في المجال التربوي، بل على العكس، فهي تساعد المعلم على فهم أعمق للسلوك الإنساني، وتمكنه من تكوين تصور واضح عنه، نظرًا للدور الهام الذي بدأت الدافعية تلعبه خلال العقود القليلة الماضية في نظريات التعلم ونظريات الشخصية. ولما كانت نظريات الدافعية عديدة ومسهبة في شرح السلوك الإنساني وتفسيره

المطلب الأول: في النظرية الإنسانية
نظرية تدرج الحاجات أو ما يعرف بنظرية ماسلو، حيث قدم إبراهام ماسلو Abraham Maslow هذه النظرية والتي تعتبر من أكثر النظريات جاذبية عند الحديث عن الدافعية. حيث اعتبر ماسلو أن القوة الدافعية للناس وسبب انضمامهم للمنظمات وبقائهم فيها وعملهم باتجاه أهدافها هي في الحقيقة سلسلة من الحاجات. وأن هذه الحاجات يمكن تنظيمها على شكل هرم يتضمن خمس مستويات أساسية من الحاجات تتطلب من الأفراد أن يشبع حاجاته منها أو أن هرم ماسلو الخاص بالاحتياجات هو كذلك [نظرية الاحتواء] الخاصة بالتحقيق.
وتحتوي نظرية ماسلو على جزأين هما:
1. تصنيف الاحتياجات البشرية.
2. الاهتمام بكيفية ارتباط المستويات واحداً بالآخر.
هرم الحاجات لماسلو أو نظرية الاحتواء:
تتدرج الحاجات في نظرية ماسلو من الحاجات الأساسية والفسيولوجية وتنتقل إلى أعل عبر حاجات الأمان ثم الحاجات الاجتماعية وحاجات التقدير وحاجات التحقيق وتكون على شكل هرم وهو كالآتي :
الحاجات الفسيولوجية Physiological Needs:
تعمل هذه الحاجات أساساً على الحفاظ على الفرد، والمحافظة على نوعه، وهي تمثل حد الكفاف بالنسبة للإنسان، وهذه الحاجات هي الطعام والشراب والمسكن والراحة والنوم وغيرها وعند إشباعها يصل الفرد إلى حد الرضا.
1. الحاجة إلى الأمان Safety Needs:
بمجرد أن يشبع الفرد حاجات الفسيولوجية بطريقة مرضية، فإنه ينتقل إلى حاجات الأمان وعدم الخوف من خلال تأمين حياته وحمايتها من أي خطر يحدق له أو يهدد حياته أي حاجته إلى اطمئنان من خلال أنظمة الأمن الصناعية والتأمينات الاجتماعية في الرعاية الصحية وغيرها.
2. الحاجات الاجتماعية: Social Needs:
بعد إشباع الحاجتين السابقتين تبرز الحاجات الاجتماعية مؤثرة على السلوك الإنساني وتزداد أهميتها كدافع على هذا السلوك وتتمثل في رغبة الفرد الإنتماء إلى الجماعة وإقامة علاقات يحيطها الود والاعتزاز أو التقدير. وتمتد الحاجات الاجتماعية إلى محاولته لكسب الهمينة والنفوذ وأهل الجماعة من خلال المكانة الاجتماعية والمركز الوظيفي الذي يحصل عليه وكذلك تبادل الزيارات وتوفير نادي اجتماعي وغيرها.
3. حاجات التقدير Esteem Needs:
يتم التركيز على حاجات الفرد إلى المكانة الاجتماعية المرموقة والشعور باحترام الآخرين وحاجته إلى إحساسه بالثقة في النفس والقوة والمقدرة والكفاءة، والتقدير عن الأعمال التي يقدمها وتلعب الألقاب البراقة والترقيات والحوافز دوراً هاماً في إشباع حاجات التقدير.
4. حاجات تحقيق الذات Self outualization Needs:
هنا يحاول الفرد أن يحقق ذاته من خلال تعظيم استخدامه قدراته ومهاراته الحالية والمحتملة في محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات التي تسعده شخصياً حيث يبحث عن مهام ذات طبيعة متحدية لقدراته ومهاراته ويطورها نحو الإبداع والابتكار .
ويؤكد أصحاب النظرية الإنسانية على عملية النمو الشخصي لذلك فهم متفقون مع النظرية المعرفية في أهمية الاحتياجات الجوهرية الداخلية ولكن ينصب اهتمامهم الكبير على الإنسان وحاجاته الشخصية مثل الحرية، والاختيار، و تأكيد الذات.
وبتطبيق هذه النظرية على العملية التعليمية نجد أن النجاح والإنجاز يتحقق للطلاب إذا ما أتيحت لهم الفرص المناسبة لإشباع ميولهم ورغباتهم المناسبة لقدراتهم واستعداداتهم، وبالتالي فإن إشباع تلك الحاجات لديهم سيمكنهم من تحقيق ذواتهم بالإنتاج والإبداع، فالمتعلم يحاول قدر استطاعته استثمار كل إمكاناته الذاتية لتحقيق النجاح وتحقيق الذات، ومن المؤكد أن قدرات الأفراد تختلف والفرص المتاحة لهم تختلف أيضًا، مما يجعل الفرد دائمًا في سعي مستمر لتحقيق ذاته.
المطلب الثاني: في نظرية الشكل الألمانية (الجشتالتية)
يرى أنصار نظرية الجشتالت أن قانون الثواب والعقاب هو مصدر الدافعية، وبمعنى آخر فإن الدافعية تظهر في الحالة التي يكون فيها الكائن الحي أمام مشكلة. يُعتبر قانون الثواب والعقاب الأساس المهم في حلها.
نستنتج مما سبق، أن الدافعية هي تلك القوى المحركة التي تدفع الفرد إلى عمل شيء ما، وتعتمد على عوامل داخلية وأخرى خارجية، وبالتالي تختلف نظرة التلميذ إلى المدرسة وإلى المعلم حيث نجد أن تلميذًا ما يحب المدرسة والمعلم لأنه يجد فيهما من المثيرات ما يرضي حاجاته وأن بيئة المدرسة سهلة بسيطة مثيرة له ومحركة لدوافعه. وعلى الجانب الآخر، هناك تلميذ يكره المدرسة نظرًا لأنها بيئة معقدة ومملة والمعلم فيها يعمل كجلاد.
1 ـ التعلم يعتمد على الإدراك الحسي
لما كان التعلم عملية اكتشاف للبيئة وللذات فإن مظهره الحاسم هو المظهر المعرفي. والتعلم يعني اكتشاف طبيعة الحقيقة او معرفة ما هو حقيقي. والتعلم متعلق بإدراك ما هو حاسم في أي موقف من المواقف. او معرفة كيف تترابط الأشياء والتعرف على البنية الداخلية للشيء الذي على المرء أن يتعامل معه.
وما تتعلمه عن مهمة محددة هو الوظيفة المباشرة لكيفية رؤيتك لذلك العمل. وإذا لم تكن المشكلة التي تعرض عليك ذات معنى أي إذا كانت بنيتها الداخلية تبدو مبهمة عليك او إذا ما بدت لك خليطا غير منتظم من الارتباطات الاعتباطية (كأن تكون على سبيل المثال مجموعة من الأسماء او المعارك او التواريخ التي يطلب منك حفظها في درس من دروس التاريخ يعطيه لك مدرس يؤمن بالتكرار والحفظ المجرد) فإن إدراكك لهاته المادة سيظل غير منظم وباهت وغير متميز، أما إذا كنت قادرا على فهم التقاصيل ورؤية كيف يؤدي شيء الى شيء آخر أو كيف يؤدي حدث الى حدث آخر بسرعة، فإن هذا الفهم لهاته المادة هو أيضا ما تتعلمه عنها.
والشيء الذي تتعلمه يتواجد أولا في الإدراك او المعرفة قبل أن ينتقل إلى الذاكرة. ومن هنا فإن فهم ما في الذاكرة يتطلب فهم المدخلات الأساسية التي يبنى عليها الفهم. والإدراك في وقت من الأوقات يحدث أثرا يترسب في الذاكرة. وعملية إحداث الأثر في الذاكرة، وهو ما يقابل الأحداث المدركة او المعروفة، هاته العملية هي التي تجعل التذكر أمرا ممكنا وإذا لم تدرك الشيء في المفام الأول، فمن الواضح أنك لن تستطيع أن تتذكر أي شيء عنه. أما كيف تدرك شيئا ما فهو الأمر الذي يؤثر تأثيرا مباشرا في كيفية ترميزه في الذاكرة. وهكذا فمن البديهي القول أن ما هو موجود في الذاكرة لا بد من أن يكون قد قدم بشكل محسوس او مدرك او معروف. فالإدراك يحدد التعلم.
2 ـ التعلم ينطوي على إعادة التنظيم
الصورة المألوفة للتعلم هي مسألة الانتقال من حالة يكون شيئا ما فيها لا معنى له او من حالة توجد فيها ثغرة لا يمكن التغلب عليها او حالة يبدو فيها الموقف كله غامضا، الى حالة جديدة يصبح فيها للأشياء معنى او حالة تتغلب فيها في التو واللحظة على الهوة المحيرة او الحالة التي كان فيها الموقف غامضا الى موقف في غاية الوضوح. وهذا يعني في صورته النموذجية، أن الإدراك قد تمت إعادة تنظيمه بحيث أن مفهوم المشكلة لم يعد يتضمن الثغرة المزعجة المعتمة او انعدام المعنى في التصور السابق. ولنضرب مثلا لذلك : لنفرض أنك وأنت تبحث في صندوق قديم وجدت سلسلة ذهبية قديمة. وأنك وجدت خمس مجموعات من حلقات السلسلة كل منها يحتوي على ثلاث حلقات، وتأخذ هاته القطع إلى جارك صائغ الجواهر وتسأله كم يريد حتلا يعمل لك سلسلة جديدة تضم خمس عشرة حلقة. فيقول لك : "سأتقاضى منك درهمين مقابل كل حلقة أقوم بفكها وإعادة لحمها من جديد. ولسوف أنتهي منها غدا. فتسأله : وكم سيكلفني ذلك ؟ فيجيبك : ستة دراهم. وبعد ذلك تتصرف من المحل. وعندما تعود الى منزلك تبدأ في التفكير ثانية في الأمر. هل سأدفع ستة دراهم ؟ ألا ينبغي أن يكون الأمر ثمانية دراهم ؟ اليس من الضروري فتح أربع حلقات ولحمها بدلا من ثلاثة.
إن الكثير من التعلم لحقيقي له خصائص مشابهة. إذ يبدأ بضربة أو صدمة أو لمحة وبعدها تأخذ الأمور مكانها الصحيح. وبعبارة أخرى فإن ما كان يبدو مجموعة مختلطة غير مرتبة من الأشياء غير المفهومة تصبح الآن لها معنى بعد أن تكون قد تكونت منها صورة جديدة. وإعادة التنظيم الإدراكي هي لب عملية التعلم.

المطلب الثالث: في النظرية المعرفية
يرى أصحاب النظرية المعرفية أن البواعث الداخلية والخارجية لفعل ما تتم من خلال النظام المعرفي للفرد. ويرى أنصار هذه النظرية أن الفرد يشعر بدوافع ذاتية تهدف إلى تحقيق حالة توازن معرفي، وأن دافعية التعلم المدرسي تقوم على أساس أن الطلبة مدفوعون بدوافع داخلية، فهم يندمجون في مواقف التعلم ويميلون إلى المثابرة و الاجتهاد من أجل زيادة الخبرة وتحقيق مستويات تحصيلية عالية ومهارات معرفية مرتفعة.
والتفسيرات المعرفية تسلم بافتراض مفاده أن الكائن البشري مخلوق عاقل، يتمتع بإرادة حرة تمكنه من اتخاذ قرارات واعية على النحو الذي يرغب فيه (Hunt, 1965) لذلك تؤكد هذه التفسيرات على مفاهيم أكثر ارتباطاً بمتوسطات مركزية كالقصد والنية والتوقع، لأن النشاط العقلي للفرد يزوده بدافعية ذاتية Intrinsic Motivation متأصلة فيه وتشير إلى النشاط السلوكي كغاية في ذاته وليس كوسيلة، وينجم عادة عن عمليات معالجة المعلومات والمدركات الحسية المتوافرة للفرد في الوضع المثيري الذي يوجد فيه، وبذلك يتمتع الفرد بدرجة عالية من الضبط الذاتي (Vander Zanden, 1980).
فظاهرة حب الاستطلاع مثلاً، هي نوع من الدافعية الذاتية يمكن تصورها على شكل قصد يرمي إلى تأمين معلومات حول موضع أو حادث أو فكرة عبر سلوك استكشافي، حيث يرغب الفرد في الشعور بفاعليته وقدرته على الضبط الذاتي لدى قيامه بهذا السلوك (Day and Berlyne, 1971, 1975) وبهذا المعنى يمكن اعتبار حب الاستطلاع دافعاً إنسانياً ذاتياً وأساسياً. وقد أشار بعض الباحثين (Maw and Maw, 1965) إلى ضرورة هذا الدافع وأثره في التعلم والابتكار والصحة النفسية، لأنه يمكن المتعلمين، وبخاصة الأطفال منهم، من الاستجابة للعناصر الجديدة والغريبة والغامضة على نحو إيجابي، ومن إبداء الرغبة في معرفة المزيد عن أنفسهم وبيئتهم، ومن المثابرة على البحث والاستكشاف، وهي أمور ضرورية لتحسين القدرة على التحصيل.
صاغ اتكنسون (Atkinso, 1965) نظرية في الدافعية ترتبط بدافعية التحصيل على نحو وثيق، مشيراً على أن النزعة لإنجاز النجاح هي استعداد دافعي مكتسب، وتشكل من حيث ارتباطها بأي نشاط سلوكي وظيفي لثلاثة متغيرات تحدد قدرة الطالب على التحصيل هي:
1 ـ الدافع لإنجاز النجاح: يشير هذا الدافع إلى إقدام الفرد على أداء مهمة ما بنشاط وحماس كبيرين، رغبة منه في اكتساب خبرة النجاح الممكن، غير أن لهذا الدافع نتيجة طبيعية تتجلى في دافع آخر، هو دافع تجنب الفشل حيث يحاول الفرد تجنب أداء مهمة معينة خوفاً من الفشل الذي يمكن أن يواجهه في أدائها. ويكمن دافع إنجاز النجاح وراء تباين الطلاب في مستوياتهم التحصيلية حيث يرتفع مستوى الطلاب التحصيلي (أو دافعيتهم التحصيلية) بارتفاع هذا الدافع والعكس صحيح.
2 ـ احتمالية النجاح: إن احتمالية نجاح أية مهمة تتوقف على عملية تقويم ذاتي يقوم بها الفرد المنوط به أداء هذه المهمة. وتتراوح احتمالية النجاح بين مستوى منخفض جداً ومستوى مرتفع جداً، اعتماداً على أهمية النجاح وقيمته ومدى جاذبيته بالنسبة للفرد صاحب العلاقة، فالطالب الذي يرى في النجاح المدرسي قيمة كبيرة، تكون احتمالية نجاحه كبيرة أيضاً، لأن قيمة النجاح كما يتصوره تعزز دافعية التحصيل لديه، غير أن بعد الهدف أو صعوبته أو انخفاض باعثه، تقلل من مستوى هذه الاحتمالية.
3 ـ قيمة باعث النجاح: إن ازدياد صعوبة المهمة، يتطلب ازدياد قيمة باعث النجاح، فكلما كانت المهمة أكثر صعوبة، يجب أن يكون الباعث Incentive (الإثابة) أكبر قيمة للحفاظ على مستوى دافعي مرتفع، فالمهام الصعبة المرتبطة ببواعث قليلة القيمة، لا تستثير حماس الفرد من أجل أدائها بدافعية عالية. والفرد نفسه هو الذي يقوم بتقدير صعوبة المهمة وبواعثها.
إن الدافع لإنجاز النجاح والدافع لإنجاز الفشل مترابطان، فإذا كان الطالب مدفوعاً بالنجاح فسيحاول أداء المهام التي تكون احتمالية نجاحها مساوية لاحتمالية فشلها، وتكون قيمة باعث النجاح مرتفعة عند هذا المستوى من الاحتمالية، أما إذا كان الطالب مدفوعاً بالخوف من الفشل، فسيتجنب أداء مثل هذه المهام (المتساوية من حيث احتمال النجاح والفشل) وسيختار المهام الأكثر سهولة لتخفيض احتمالية الفشل، أو المهام الأكثر صعوبة، حيث يمكن رد الفشل إلى صعوبة المهمة وليس إلى الذات.
يتضح مما سبق أن قدرة الطالب على التعلم والتحصيل مرتبطة إلى حد كبير بنزعته الدافعية إلى انجاز النجاح، ولما كانت هذه النزعة مكتسبة أساساً، فمن الممكن القول بإمكانية تعدل تلك القدرة، فأي تعديل يطرأ على دافع إنجاز النجاح أو احتمالية النجاح أو قيمة باعث النجاح، يؤدي إلى تعديل دافعية الطالب لإنجاز النجاح، وهذا يؤثر بدوره في تعديل قدرته على التحصيل المدرسي.

المطلب الرابع: في النظرية السلوكية
ينظر أصحاب النظرية السلوكية إلى الدافعية من منظور آخر وهو المثير الخارجي والتعزيز له، والمعلم لديهم له دور كبير مع البيئة الخارجية مع عدم إنكار الاحتياجات الداخلية.
لا يرى سكنر، صاحب نموذج التعلم الإجرائي، ضرورة لافتراض متغيرات متدخلة كالحافز لتفسير السلوك، علماً بأنه يقبل بمفهوم التعزيز كأساس للتعلم، ذلك المفهم الذي ينطوي في ذاته على معنى الدافعية (Klausmeier, 1975) ويستخدم عوضاً عن ذلك مفهوم الحرمان Deprivation، ويرى أن نشاط العضوية (المتعلم) مرتبط بكمية حرمانها، حيث يؤدي التعزيز إلى تقوية الاستجابات التي تخفض كمية الحرمان، فالتعزيز الذي يتلو استجابة ما يزيد من احتمالية حدوثها ثانية، وإزالة مثير مؤلم يزيد من احتمالية حدوث الاستجابة التي أدت إلى إزالة هذا المثير، لذلك ليس هناك أي مبرر لافتراض أية عوامل داخلية محددة للسلوك. ويقتصر سكنر أن الاستخدام المناسب لاستراتيجيات التعزيز المتنوعة، والتي يتم في ضوئها تحديد المعززات السلبية والإيجابية وجداول استخدامها، كفيل بإنتاج السلوك المرغوب فيه.
ويأخذ (هل (Hull, 1952 بقانون الأثر، ويحدده على نحو أكثر دقة مما فعل تورندايك، حيث يستخدم مصطلح تخفيض أو اختزال الحاجة Need Reduction للدلالة على حالة الإشباع، ومصطلح الحافز Drive للدلالة على بعض المتغيرات المتدخلة الواقعة بين الحاجة والسلوك. وقد حدد هل علاقة السلوك بالحاجة والحافز.
تعتبر الحاجة طبقاً لهذا النموذج متغيراً مستقلاً، يلعب دوراً مؤثراً في تحديد لحافز كمتغير متدخل، ويلعب هذا بدوره دوراً مؤثراً ي تحديد السلوك، فتصدر عن المتعلم استجابات معينة تؤدي إلى اختزال الحاجة، الأمر الذي يعزز السلوك وينتج التعلم. أي أن العلاقات التفاعلية بين الحاجات والحوافز، هي التي تحدد الاستجابات الصادرة في وضع معين وتؤدي إلى تعلمها.

المبحث الثالث: صعوبات أمام إثارة الدافعية لدى المتعلمين
المطلب الأول: صعوبات من المعلم
تتوقف قوة الدافعية للتعلم على مراعاة ما يلي:
1 - أن يقوم المعلم بتحديد الخبرة المراد تعلمها تحديدًا، ما يؤدي إلى فهم التلاميذ للموقف الذي يعملون فيه، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى إثارة نشاط موجه لتحقيق الهدف المراد تحقيقه.
2 - أن يراعي المعلم في اختياره للأهداف والمحفزات أن تكون مرتبطة بالدافع من جهة، وبنوع النشاط الممارس من جهة أخرى؛ لأن ذلك يساعد على تشجيع تقدم التلاميذ في التحصيل إلى درجة كبيرة.
3 - أن يراعي المعلم أن يكون الهدف الذي يختاره مناسبًا لمستوى استعدادات التلاميذ العقلية؛ لأن ذلك يؤدي إلى زيادة قيمة الدافع كعامل مساعد على بعث أنواع النشاط المحققة للهدف، ومن الثابت أن التلاميذ يحجمون عن بذل أي جهد لتحقيق الهدف الذي يجدون أنه في مستوى يتعذر عليهم الوصول إليه.
4 - أن يهتم المعلم بربط أهداف الدرس بحاجات التلاميذ العقلية والنفيسة والاجتماعية، نظرًا لأن هذا الاهتمام يمثل دافعًا فعالًا للتعلم، ويؤدي توافره إلى حدوث التعلم بصورة مناسبة.
5 - أن يلحق المعلم الإثابة بتحقيق الهدف مباشرة، لأن ذلك يزيد من القوة الفاعلة للدافع. ومن الثابت أن مرور وقت طويل بين الإثابة وبين إنجاز النشاط وتحقيق الهدف يفقد الإثابة قيمتها عند المتعلم ويجعل تعطشه للحصول عليها فاترًا.
ومما تقدم يتبين لنا أن كفاءة المعلم في استغلال دوافع تلاميذه في عملية تعلمهم تعد شرطًا لنجاحه في تحريكهم، وفي توجيه هذا النشاط، وضمان استمراره، حتى يتحقق الهدف، ومع ذلك فإن عليه أن يراعي عند قيامه باستغلال دوافع تلاميذه في عملية تعلمهم ما يلي:
- أن يراعي عدم الإفراط في استخدام المكافآت؛ حتى تنجح الإثابة في تكوين ميل حقيقي نحو الخبرة المتعلمة، وحتى لا يصبح هدف التلاميذ من مزاولة النشاط محصورًا في نيل المكافأة.
- أن يراعي الحذر في استخدام المنافسة بين تلاميذه، كعامل مشجع لهم على التقدم؛ حتى لا تنحرف عن غايتها فتهدم ما بينهم من علاقات إنسانية.
- أن يتعرف إلى معدل التقدم عند كل واحد من تلاميذه ومستوى تحصيله؛ حتى لا يعمل على رفع مستوى طموح بعضهم إلى درجة تفوق مستوى استعدادهم؛ مما قد يؤدي إلى فشل ذي أثر سيء وإلى شعور مرير بالإحباط


المطلب الثاني: صعوبات من المتعلم
لما كان التلميذ يتعلم بطريقة أفضل عندما تستثير دوافعه الداخلية نشاطه التعليمي فإن السؤال الذي يرد إلى الذهن في هذا المقام هو: هل تؤدي زيادة الدفع دائمًا إلى تسهيل التعلم
والأداء؟ أي هل هناك تناسب طردي بين استثارة دافعية التعلم لدى التلاميذ ونشاطهم التعلمي؟
لقد أظهرت التجارب التي أجريت لدراسة المستوى المناسب للدفع عدة نتائج لعل من أبرزها ما يلي:
1 - إن التعلم يصل إلى أقصى درجات الكفاية حين تكون الدوافع بدرجات متوسطة.
2 - إن زيادة الدافع إلى حد معين يؤدي إلى تسهيل الأداء، ولكن الدرجات المتطرفة من الدافعية (قوة أو ضعفًا) قد تؤدي إلى نوع من التدهور والتعطيل في الأداء. وهذا الأثر المعطل قد ينتج عن ظهور استجابات منبتة و دخيلة، أو عن ظهور بعض الحالات الانفعالية (كالقلق والتوتر في حالة زيادة الدافعية أو التبلد الانفعالي والملل في حالة نقصانها).
يوضح أن العلاقة بين استثارة الفرد والجهد الذي يبذله نتيجة هذه الاستثارة تبدأ بعلاقة طردية حتى تصل إلى درجة معينة من الاستثارة يصل فيها الجهد المبذول إلى أقصى درجة، ثم تبدأ هذه العلاقة في اتخاذ شكل عكسي.
ويترتب على المتعلم في ضوء هذه النتائج ضرورة مراعاة ما يلي:
- أن تكون درجة إثارته لدافعية تلاميذه للتعلم معتدلة؛ حتى تؤدي وظيفتها في تسهيل تعلمهم و تحسين أدائهم.
-أن تكون النشاطات التعلمية التي يوفرها لتلاميذه مناسبة لمستوى تطورهم المعرفي؛ حتى يقبلوا عليها بحماس ويبذلوا الجهد المناسب، ومن الثابت أن توافر الاستعداد التطوري اللازم لتعلم موضوع جديد يعد شرطًا جوهريًا لإيجاد الدفع الكافي لتعلم هذا الموضوع.
كذلك لابد على المعلم بناء مناخ صفي تتوافر فيه الشروط الكفيلة بإشباع حاجات التلاميذ المتنوعة واستبعاد أية عوامل تهديدية تثير قلق التلاميذ ومخاوفهم، فالتنافس الشديد الذي يسود معظم النظم المدرسية، والتأكيد المتطرف على أهمية النجاح وترتيب الدرجات، والعقوبات الشديدة المترتبة على الفشل، وأسلوب التعامل التسلطي واعتماد أسلوب الحفظ وحشو أذهان التلاميذ بالمعلومات بلا رغبة ولا فهم، واللجوء إلى النشاطات الروتينية المتكررة...إلخ كلها عوامل تؤدي إلى الرتابة والملل وقد تثير قلق التلاميذ ومخاوفهم وتؤدي بالتالي إلى إحباط دافعيتهم ونشاطهم ومن ثم فشلهم.
إن كمية قليلة من القلق قد تبدو ضرورية لحفز التلاميذ وحثهم على تكريس جهودهم القصوى، غير أن تجاوز هذه الكمية قد يؤدي إلى النتائج المضادة. إذن لابد من الحرص على توفير مناخ تعلمي دافعي لتحقيق التفاعل الصفي الفعال.

المطلب الثالث: صعوبات من المنهاج
تتعدد تعريفات المنهج من الناحية الاصطلاحية وتتنوع، ويمكننا من خلال ما كتب بعض الباحثين في المناهج وطرق التدريس أن نحدد اتجاهات خمسة عامة على الأقل:
الاتجاه الأول: يتم التركيز فيه على وصف المحتوى (المادة الدراسية)، ولعل هذا التصور متأثر بمفهوم التربية اليونانية القديمة، حين ساد الاعتقاد بأن المعرفة تؤدي إلى تغيير السلوك، ويمكن تعريف المنهج- بناءً عليه- على أنه مجموعة المواد الدراسية Subject Matter.
ومن تعاريفه أيضًا: أنه محتوى المقرر الدراسي؛ كأن يصف أحد المتخصصين في اللغة العربية، إذا ما سألناه عن منهج النحو للصف الأول الثانوي، بأنه المنهج الذي يحتوي على الموضوعات المختلفة الآتية: الجملة الاسمية، والنواسخ، وإن وأخواتها، والجملة الفعلية، وأسماء الأفعال، والمنصوبات.. إلخ.
الاتجاه الثاني: يظهر فيه التركيز على وصف الموقف التعليمي من خلال اعتبار المنهج خبرة تربوية متنوعة المجالات، ويلتصق بحاجات المتعلمين، ويشبع رغباتهم  وأحاسيسهم.
الاتجاه الثالث: يظهر فيه التركيز على وصف مخرجات العملية التعليمية Ends من خلال الجهد المركب الذي تخططه المدرسة، لنوجه تعلم الطلبة نحو مخرجات محددة سلفًا.
وتكمن الصعوبات أمام الدافعية التي يبرز بسبب المنهاج الدراسي في النقاط التالية:
1- إجراء الاتصال من جانب واحد، حيث الدور السلبي للمتعلم.
2- النظر إلى عقول التلاميذ على أنها مخازن للمعلومات والبيانات.
3- الاعتماد على الجانب العقلي، وإهمال الجوانب الانفعالية  والاجتماعية  والنفسية لدى الطلبة.
4- لا يُراعى في إعداد المواد والمقررات من قِبَل المختصين حاجات الطلبة وميولهم الشخصية.
5- إضعاف الحاجة للبحث والاطلاع، باعتبار التحصيل الدراسي هدفًا قائمًا بذاته.
6- التعامل مع المواد الدراسية على أنها مواد ومهارات منفصلة.
7- قصور طرائق تدريس المعلمين؛ لاعتمادهم فقط على إيصال المعلومات.
8- إغفال الفروق الفردية بين الطلبة.
9- قصور المنهج عن الوفاء بالتطورات الحديثة والانفجار المعرفي.
10- عدم توظيف البيئة المحيطة والأنشطة والمشاريع الهادفة.
11- غياب الفلسفة المنهجية المستندة لأهداف التربية وحاجات المجتمع.
12- الاعتماد على المنهج أو المقرر الدراسي باعتباره المرجع الوحيد المؤهل للنجاح.

المطلب الرابع: الحلول الممكنة لتجاوز هذه الصعوبات
يقصد بإثارة الدافعية للتعلم عند التلاميذ إيجاد الرغبة في التعلم وحفزهم عليه، وهناك مجموعة من المؤشرات التي تدل على وجود دافعية للتعلم عند التلاميذ من أبرزها درجة المشاركة الإيجابية من قبل التلاميذ في الموقف التعليمي. ومما يذكر أن توفر الدافعية يقلل من ظهور مشكلات النظام والضبط الصفي، كما تؤدي إلى حدوث تعلم عميق وفعال، يتم تحقيقه بوقت وجهد أقل، ويكون أثره بعيد المدى. ولقد أكدت نتائج معظم البحوث والدراسات في ميدان علم النفس أهمية إثارة الدافعية لدى المتعلم، ومن هنا فقد برز اهتمام المربين بموضوع الدافعية والتعزيز لمكانتهما في العملية التعليمية التعلمية.
وهناك أساليب وطرق مختلفة تؤدي إلى إثارة وتوفير الدافعية للتعلم، ويطلق عليها المربون مصطلح استراتيجيات الحفز والتعزيز.
تشتمل مهمة إثارة وتوفير الدافعية للتعلم الصفي على أربعة جوانب، هي:
1 - إثارة اهتمام التلاميذ بموضوع الدرس في بداية الحصة وحصر انتباههم فيه.
2 - المحافظة على استمرار انتباه التلاميذ للدرس طوال الحصة.
3 - اشتراك التلاميذ في نشاطات الدرس.
4 - تعزيز إنجازات التلاميذ.
وفيما يلي عرض لأكثر الطرق فعالية في تحقيق كل جانب من هذه الجوانب:

أولًا:  إثارة اهتمام التلاميذ بموضوع الدرس في بداية الحصة وحصر انتباههم فيه
ومن أكثر الطرق جدوى في تحقيق هذا الجانب ما يلي:
1 - توضيح أهمية تحقيق الأهداف التعلمية، ويتم ذلك إما من خلال قيام المعلم بذكر النتائج المباشرة والبعيدة لتحقيق هذه الأهداف، وإما من خلال الطلب إلى التلاميذ أن يذكروا الفوائد التي يتوقعون الحصول عليها من تحقيقها.
2 - إثارة حب الاستطلاع عند التلاميذ من خلال تقديم مادة تعليمية جديدة، أو من خلال مناقشة أسئلة و مشكلات تتحدى تفكير التلاميذ، أو من خلال تغيير مدخل مناقشة الموضوع وهناك أساليب أخرى كثيرة يمكن أن يستخدمها المعلم في هذا المجال كأن يقرأ لهم خبرًا في مجلة يتضمن معلومات مثيرة أو يروي لهم حادثة تاريخية أو قصة طريفة مثلًا... إلخ، بحيث تأسر اهتمامهم  وتجبرهم على التخلي عن المشتتات التي قد تعوق قدرتهم على تركيز الانتباه، ويستحسن أن تكون هذه النشاطات الأولية على علاقة وثيقة بالمادة الدراسية موضوع الاهتمام ومناسبة لخصائص الطلاب ذات العلاقة بالتحصيل، كالخبرات السابقة ومستوى التحصيل والقدرات ومستوى النمو... إلخ.
3 - الاستثارة الصادمة، أي التي تترك أثرًا صادمًا في نفوس التلاميذ وتضعهم في موقف الحائر المتسائل، ومن الأمثلة عليها أن يسأل المعلم تلاميذه:
- ماذا يحدث لو احتجبت الشمس عن الظهور؟
- لماذا يطير العصفور أحسن من الدجاجة مع أن جناحيه أصغر من جناحيها؟
- كيف تتصورون الحياة لو لم تحدث الفصول الأربعة؟
4 - أحداث تغييرات ملحوظة في الظروف المادية بغرفة الصف، من خلال الطلب إلى التلاميذ بأن يعيدوا ترتيب مقاعدهم، أو من خلال قيام المعلم بتعليق وسيلة أو لوحة معينة في مكان بارز ونحو ذلك من التغييرات التي تسهم في زيادة فعالية النشاطات التعلمية.

ثانيًا: المحافظة على استمرار انتباه التلاميذ للدرس طوال الحصة
ومن أكثر الطرق جدوى في تحقيق هذا الجانب ما يلي:
1 - تنويع الأنشطة التعليمية التعلمية، ويراعى في هذا التنويع أن يكون وسيلة لمساعدة التلاميذ في تحقيق الأهداف التعلمية المتوخاة، وليس هدفًا في حد ذاته. ومن الأنشطة التي يمكن استخدامها، المحاضرة والمناقشة والتجارب العلمية والعمل الكتابي ونحو ذلك.
2 - تنويع الوسائل الحسية للإدراك، وبخاصة ما يتعلق منها بحواس السمع والبصر واللمس وذلك لإغناء تعلم التلاميذ.
3 - استخدام المعلم للتلميحات غير اللفظية والمتمثلة في الإشارات والحركات البدنية، وتغيير نغمة الصوت.
4 - قيام المعلم بالتحرك والتنقل داخل غرفة الصف، مع مراعاة أن يكون تحركه وتنقله وظيفيًا بمعنى أن يساعد في تركيز انتباه التلاميذ على النشاط التعلمي الجاري. وعليه أن يتجنب التحرك السريع المتلاحق، لأن ذلك قد يؤدي إلى تشتيت انتباههم.
5 - تجنب السلوك المشتت للانتباه، كالإكثار من طرق الطاولة بالقلم أو المسطرة، أو التحرك على نحو سريع ومتلاحق، أو الصوت المرتفع والصراخ ونحو ذلك.

ثالثًا: اشتراك التلاميذ في نشاطات الدرس
ومن أكثر الطرق مساعدة على تحقيق هذا الجانب ما يلي:
1- إشراك التلاميذ في تحديد الأهداف التعلمية، وفي اختيار النشاطات الكفيلة بتحقيقها؛ لأن ذلك يؤدي إلى حفزهم للإسهام في هذه النشاطات بحماس.
2 - استخدام أسلوب تمثيل الأدوار ويقصد به إتاحة الفرص أمام التلاميذ ليقوموا بتمثيل بعض المواقف المناسبة لأدوارهم، وكذلك إتاحة الفرص أمام التلاميذ للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وآرائهم في جو  مفعم بالدعم والطمأنينة.
3 - إتاحة الفرص أمام التلاميذ للعمل في جماعات صغيرة، ويتطلب استخدام هذا الأسلوب قيام المعلم بتقسيم الصف إلى فرق صغيرة وتعريف أفراد كل فرقة بالأهداف التي من أجلها يعملون معًا وبالنشاطات التي يجب عليهم أن يمارسوها لتحقيق هذه الأهداف.
4 - إثارة أنواع مختلفة من الأسئلة وبخاصة الأسئلة التي تتطلب التفكير وتقديم الآراء والأسئلة التي يتاح فيها المجال أمام التلميذ لاقتراح أكثر من إجابة واحدة للسؤال الواحد والأسئلة الموجهة نحو تصور المستقبل.
5 - مراعاة أن تكون الفرص المتاحة للتلاميذ في المناقشات الصفية كبيرة والتنويع في طرق تقديم المادة العلمية بشكل مناسب.
6 - مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ، من خلال التنويع في مستويات الأنشطة التعلمية، حتى يجد كل واحد منهم فرصة أو فرصًا للإسهام الناجح في الموقف التعليمي التعلمي والمشاركة الإيجابية في عملية التعلم.

رابعًا: تعزيز إنجازات التلاميذ
ومن الطرق المساعدة في تحقيق هذا الجانب ما يلي:
1 - استخدام التعزيز الإيجابي سواء كان لفظيًا أم غير لفظي، ويتمثل التعزيز الإيجابي اللفظي في استخدام تعابير الموافقة أو الإعجاب مثل قول «صحيح»، «إجابة سليمة»، «كيف توصلت إلى هذا الحل الرائع؟».. أما التعزيز غير اللفظي فيكون عن طريق الابتسام أو بهزة الرأس أو باستخدام تعبيرات الوجه المختلفة لإبداء الاهتمام، أو كتابة إجابة التلميذ على اللوح، أو الاقتراب من التلميذ، ونحو ذلك من مظاهر السلوك التي تدل على الموافقة أو الإعجاب دون أن تتضمن كلامًا يقوله المعلم. ولا يخفى أثر التوظيف الجيد للتعزيز الإيجابي بنوعيه في زيادة إسهام التلاميذ في نشاطات الدرس.
2 - استخدام التغذية الراجعة الإعلامية والتصحيحية وتزويد التلاميذ بمعلومات عن مدى التقدم الذي يحرزونه في اتجاه بلوغ الأهداف المرجوة؛ مما يعزز مشاركتهم في عملية التعلم، وتؤدي إلى إثارة دافعيتهم بشكل فعال يساعدهم في اكتشاف جوانب العمل التي تحتاج إلى جهد إضافي  منهم.
ونؤكد هنا أن مصدر الاستثارة الأساسي لدافعية التعلم لدى التلاميذ هو المعلم ذاته ويمكن القول بأن اهتمام التلاميذ بالمادة الدراسية يتأثر بشكل أساسي بدرجة حماسه وإخلاصه في مهنته والتحضير الجيد للدرس والإعداد الكافي لأنشطته المتنوعة، والتنوع في أساليب تقديم المادة العلمية والترتيب المنطقي والتسلسل في تنفيذ أنشطة التعليم والتعلم، والمهارة في استنتاج المعلومات وربط عناصر الدرس مع بعضها.. كلها عوامل تؤدي إلى جذب انتباه التلاميذ وتبعدهم عن التشتت أو الملل، كما أنها تؤدي إلى حفز التلاميذ وإثارة دافعيتهم للتعلم.

خاتمة التقرير:
وأحببنا أن تكون عبارة عن مجموعة من الإرشادات للمربي لزيادة دافعية المتعلمين:
- أن تكون كل من الأسرة والمدرسة واعيتان لدورهما في التربية ومدركتان  للأساليب التي تدعم ثقة الابن بنفسه وتلك التي تزعزع هذه الثقة وتؤدي إلى عدم تقديره لنفسه وبالتالي إلى انخفاض دافعيته للدراسة والتعلم.
- التوجه إلى الله بالدعاء بأن يرزقهم الله الدافعية للتعلم والحماس له .
- تذكير المتعلمين الكبار دائماً  بفضل طلب العلم وبالأجر المترتب على طلبه  وأن طلب العلم فرض على كل مسلم ومسلمة، وأن الله قد فضّل العلماء على العابدين، والاستشهاد في ذلك بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
- تعريف المتعلمين بالأهداف السلوكية للموضوعات الدراسية التي يتم تناولها، ومستويات التمكن المطلوب منهم الوصول إليها عقب الدراسة .
- ربط محتوى المناهج الدراسية ببيئة المتعلم والتأكيد على أهمية الموضوعات في حياتهم بحيث تصبح المعلومات والمهارات المستهدفة وظيفية في حياة المتعلم :وعلى سبيل المثال  يقال درسنا اليوم عن عملية الجمع، وهي عملية مهمة في حياتكم فلن تعرفوا عدد نقودكم وجميع أغراضكم ، إلا إذا فهمتموها، وموضوع مجموعات الأغذية تستفيدوا منه في تغذية أجسامكم .لذلك انتبهوا جيداً لهذا الموضوع أثناء الدراسة .
- استخدم أساليب تدريسية تساهم في زيادة دافعية المتعلم للتعلم كأساليب تفريد التعليم، والتعلم الكشفي الموجه، وتوظيف أجهزة الحاسوب في التعليم ... إلخ ، ومساعدته على التعلم من خلال العمل و اللعب المنظم فذلك يثير دافعية المتعلم ويحفزه على التعلم ما دام يشارك يدوياً بالنشاطات التي تؤدي إلى التعلم .  ويرتبط هذا الإجراء بمحاولة المعلم التعرف على أسلوب التعلم المفضل لدى تلاميذه (توجد في الميدان التربوي مقاييس للتعرف على هذه الأساليب)
-  تعويد ا لمتعلمين على أن ينجزوا المهام بأنفسهم وتشجيعهم على ذلك وتقييم إنجازاتهم باستمرار وتوفير التغذية الراجعة لهم  ليتقدموا في دراستهم وتعريفهم بالمعيار الذي يستخدم لقياس أدائهم , واستخدام أساليب تقويمية تؤدي إلى تصويب وتطوير أداء المتعلمين لا التخويف والتهديد، والبعد عن أساليب الغش في الامتحانات التي تساهم في نقص دافعية المتعلم نحو الاجتهاد والتعلم .
-  أن  يكون المربي قدوة للمتعلمين بالصبر والجد والإخلاص في العمل  و المطالعة الخارجية والجلوس معهم في المكتبة، فهذا يساهم في تنمية الميل للتعلم الذاتي لدى المتعلم .
- التقرب للمتعلمين والتفاعل معهم والاهتمام بتعليمهم  وتحبيبهم في المعلم، فالمتعلم يحب المادة وتزداد دافعيته لتعلمها إذا أحب معلمها .
- تعويدهم على أن يحلوا مشكلاتهم بأنفسهم وأن يشاركوا في تحمل المسئولية ويدربهم على ذلك.
- مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين والتعرف على حاجاتهم وأهدافهم واكتشاف  قدراتهم والمساعدة في المحافظة عليها وتسخيرها لمصلحتهم  وإشراكهم جميعا في  النشاطات وتشجيع المبادرات الجيدة وتدعيمها ، وطلب المزيد من الأفكار .
- جعل مجموعات العمل متناسبة في التوزيع والمهام وشرح طبيعة المهام والنشاطات للمتعلمين وتدريبهم عليها ثم متابعة أداءهم وتشجيعهم على العمل بروح الفريق وتحفيزهم كفريق.
- إعطاء الحوافز المادية مثل الدرجات أو الحلوى أو بعض الأدوات المدرسية  أو خطاب شكر ، والمعنوية مثل المدح و الثناء أو كتابة الاسم على لوحة  الشرف أو تكليفه بإلقاء كلمة في إذاعة المدرسة أو في حفل مجالس الآباء ، و تعتمد نوعية الحوافز على عمر المتعلم ومستواه العقلي والبيئة الاجتماعية والاقتصادية له، ويُفضل ألا يعتاد المتعلم على الحافز المادي وينبغي أن يتعرف المعلم على إمكانات المدرسة قبل أن يعد المتعلم بحوافز مادية أو ومعنوية. لئلا يعد بشيء ولا ينفذه.
- منحهم الفرصة للتعبير عن مشاعرهم التي تتعلق بتعلمهم أو نشاطاتهم أو علاقاتهم داخل المدرسة .
- التأكيد على ارتباط موضوع الدرس بغيره من الموضوعات الدراسية مثل التأكيد على أهمية فهم الجملة الفعلية لفهم الفعل المضارع ، أو فهم قواعد الإملاء حتى  يكتب كتابة سليمة  فيما بعد .
- تقبل المربي للمتعلم , وإشعاره بالقدرة وتشجيعه على المحاولة وبذل الجهد الممكن وتعويده على تحمل الفشل, من خلال إشعاره بالجدارة حتى في الحالات التي لا يحقق فيها النجاح  وتوجيه النقد إلى العمل وليس إلى المتعلم نفسه.
- أن تكون توقعات المربي من المتعلم تتناسب مع قدراته و إمكاناته قال تعالى(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وأن تكون توقعاته منه إيجابية وأن يهتم بما يحققه من تقدم أيا كان مقدار هذا التعلم.
  - استخدام أسلوب التعلم النشط  وتقديم أنشطة ممتعة بعد فترة معينة من الدراسة
_ مساعدته على مقاومة المشتتات لتحسين مستوى تركيزه وزيادة مدى انتباهه فهذا يؤدي إلى مزيد من المثابرة وبذل الجهد لتحقيق نتائج دراسية أفضل وبذا تتحسن دافعيته ويرتقي مستوى إنجازه .
- عرض قصص هادفة : تبين ما سيترتب على الاهتمام والحرص على الدراسة أو إهمالها، ولا مانع من أن يكلفهم بقراءتها إن كانوا قادرين على ذلك .
-  استخدام أساليب التهيئة الحافزة عند بدء الحصة أو الخبرة كأسلوب العصف الذهني و أنشطة كسر الجمود والعروض العملية المثيرة ومشاركة المتعلمين خلال تنفيذها .
- زيادة مصروفه  وأخذه إلى فعاليات يحبها وذلك بناء على تحسن أدائه في المدرسة.



المراجع والهوامش:
1. ابن منظور، جمال الدين، (1994)،لسان العرب، الطبعة الثالثة، دار صادر، بيروت.
2. موريس روكلان (1972) تاريخ علم النفس، ترجمة علي زيغور، المكتبة العلمية، بيروت.
3. مصطفى غالب (1991) أصول علم النفس، مكتبة الهلال بيروت.
4. مخيمر صلاح (1968) مدخل إلى علم النفس الاجتماعي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.
5. رابط المصدر:https://hrdiscussion.com/hr49369.html
6. النقيب، عبدا لرحمن مراد، صلاح (1989)، مقدمة في التربية وعلم النفس، الرباط، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
7. مجلة ميادين الالكترونية، مقال تحت عنوان: مردود كبير بأقل جهد-الدافعية و التعلّم، معتبر قاسم 2014-04-01
8. العناني، حنان (2002) – علم النفس التربوي دار صفاء للنشر والتوزيع – عمان
9. د. مرعي، توفيق (1999) – المنهاج التربوي بين الأصالة والمعاصرة دار الفرقان للنشر والتوزيع
10. د. نشواتي، عبدالمجيد (1985) – علم النفس التربوي دار الفرقان
11. د. الجزراوي، إبراهيم (1995) – تحليل السلوك التنظيمي عمان، المركز العربي للخدمات الطلابية
12. ورقة بحثية حول رفع مستوى الدافعية للطلبة نحو الدراسة أخصائي الإرشاد النفسي والتربوي موسى المطارنة الكلية العلمية الإسلامية عمان في 15/4/2013
13. https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_الجشطالت
14. د. احمد ماهر، السلوك التنظيمي مدخل بناء المهارات 2002م-2003م
15. http://www.alukah.net/social/0/88813/#ixzz4aqaKxT00
16. حميدة، إمام مختار، (2000)،أسس بناء تنظيمات المناهج، مكتبة زهراء الشرق، الطبعة الأولى.
17. يونس، فتحي وزملاؤه، (2004)،المناهج: الأسس والمكونات والتنظيمات والتطوير، دار الفكر، الطبعة الأولى.

شكرا لك ولمرورك