الكاتب : محمد سعد عيسوس الدرجة العلمية: ماستر أحوال شخصية من جامعة سكيكدة الوظيفة: أستاذ المدرسة الابتدائية الموضوع: في سبيل "التلقين". البريد الالكتروني: madsadaiteamo@gmail.com في سبيل التلقين: تكتسي المدرسة حلّة الأهمية القصوى لا تدانيها أهمية إلا المساجد، ولعلّ ذلك ما جعل الأجداد يدمجونهما معا في سبيل بناء حضارة. ومن هذا المنطلق الحضاري أنشا المسلمون منهج التلقين لنقل العلم وهذا ما يعتقده الكثير ولكنه قاصر عن الحق ، فمنهجهم هذا كان لنقل العمل أيضا ، غذ لا نجد في نتاجهم الكتابي الغزير ذكرا للعلم معزولا عن العمل به، يكاد. وقد أدّى هذا التخصص في المنهج التعليمي لظهور عدد لا يحصى من العلماء حتى تكاد لا تخلو دار من عالم بين جدرانها. وفعل التلقين ليس مجرد إلقاء بحث ، بل يقرب أن يعارضه ، إذ في التلقين معنى التمكن والإفهام الذي يتجاوز بدوره مجرد الحفظ ، حيث تنضح المراجع في الميدان بأهمية الحفظ من جهة وتنضح أكثر بالإفهام وأهميته من جهة مقابلة. وعليه لا يمكن الفصل بين التلقين كمنهجية للعملية التعليمية التي تضمّ أركان الحفظ والإفهام والاختبار والتوعية أركانا مترابطة لا ينفك عقدها وإلا انتفت نتائجها المرجوة منها. ومن خلال هذا نعلم مكامن الغموض التي جاء منها الطعن في هذه الطريقة ، ويتضح مما سبق أن الطعن فيها جائر إلى حدّ كبير وحتى ولو لم تعد مناسبة لهذا العصر (لو سلمنا بصحة هذا القول جدلا) فإن الأمر لا يستلزم حذفها أو منعها بل يجب تطويرها لتلائم تعلمات التلاميذ وتوسيع استعمالها في مرحلة التعليم الابتدائي خاصة، وعدم حصرها في المعرفة الصرفة كما هو الحال الآن. تجدر الإشارة إلى أن هذا المنهج التعليمي قد أنشأ ظاهرة عجيبة لا توجد إلا في الحضارة الإسلامية فحواها وجود معلم وتلميذه في فرع من العلوم وهذا الأخير معلم ومعلمه تلميذه في فرع آخر. فالإمام الشافعي رحمة الله عليه بينما كان شيخا في الفقه ومفتيا كان إلى ذلك تلميذا للإمام محمد بن الحسن الشيباني وفيه يقول: "أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستين ديناراً، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثاً". بل كان شيخه سفيان بن عيينة يسأله في التفسير وهو تلميذه ويقول : "هذا أفضل فتيان أهل زمانه". قصارى القول أن التلقين منهج جيد لبناء التعلم وليس هذا فقط بل يمثل النهج السليم لبناء العقل المنطقي وتطوير ملكة النقد فأول العلم حفظ وأوسطه فكر وآخره وعي.
في سبيل التلقين
الكاتب : محمد سعد عيسوس الدرجة العلمية: ماستر أحوال شخصية من جامعة سكيكدة الوظيفة: أستاذ المدرسة الابتدائية الموضوع: في سبيل "التلقين". البريد الالكتروني: madsadaiteamo@gmail.com في سبيل التلقين: تكتسي المدرسة حلّة الأهمية القصوى لا تدانيها أهمية إلا المساجد، ولعلّ ذلك ما جعل الأجداد يدمجونهما معا في سبيل بناء حضارة. ومن هذا المنطلق الحضاري أنشا المسلمون منهج التلقين لنقل العلم وهذا ما يعتقده الكثير ولكنه قاصر عن الحق ، فمنهجهم هذا كان لنقل العمل أيضا ، غذ لا نجد في نتاجهم الكتابي الغزير ذكرا للعلم معزولا عن العمل به، يكاد. وقد أدّى هذا التخصص في المنهج التعليمي لظهور عدد لا يحصى من العلماء حتى تكاد لا تخلو دار من عالم بين جدرانها. وفعل التلقين ليس مجرد إلقاء بحث ، بل يقرب أن يعارضه ، إذ في التلقين معنى التمكن والإفهام الذي يتجاوز بدوره مجرد الحفظ ، حيث تنضح المراجع في الميدان بأهمية الحفظ من جهة وتنضح أكثر بالإفهام وأهميته من جهة مقابلة. وعليه لا يمكن الفصل بين التلقين كمنهجية للعملية التعليمية التي تضمّ أركان الحفظ والإفهام والاختبار والتوعية أركانا مترابطة لا ينفك عقدها وإلا انتفت نتائجها المرجوة منها. ومن خلال هذا نعلم مكامن الغموض التي جاء منها الطعن في هذه الطريقة ، ويتضح مما سبق أن الطعن فيها جائر إلى حدّ كبير وحتى ولو لم تعد مناسبة لهذا العصر (لو سلمنا بصحة هذا القول جدلا) فإن الأمر لا يستلزم حذفها أو منعها بل يجب تطويرها لتلائم تعلمات التلاميذ وتوسيع استعمالها في مرحلة التعليم الابتدائي خاصة، وعدم حصرها في المعرفة الصرفة كما هو الحال الآن. تجدر الإشارة إلى أن هذا المنهج التعليمي قد أنشأ ظاهرة عجيبة لا توجد إلا في الحضارة الإسلامية فحواها وجود معلم وتلميذه في فرع من العلوم وهذا الأخير معلم ومعلمه تلميذه في فرع آخر. فالإمام الشافعي رحمة الله عليه بينما كان شيخا في الفقه ومفتيا كان إلى ذلك تلميذا للإمام محمد بن الحسن الشيباني وفيه يقول: "أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستين ديناراً، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثاً". بل كان شيخه سفيان بن عيينة يسأله في التفسير وهو تلميذه ويقول : "هذا أفضل فتيان أهل زمانه". قصارى القول أن التلقين منهج جيد لبناء التعلم وليس هذا فقط بل يمثل النهج السليم لبناء العقل المنطقي وتطوير ملكة النقد فأول العلم حفظ وأوسطه فكر وآخره وعي.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء